الأمانة في الإسلام
قال الله تعالى :
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال – 27
يخاطب الله تعالى في هذه الآية الكريمة المؤمنون عامة ويأمرهم أن يؤدوا الأمانات وينهاهم عن خيانة الله تعالى ورسوله الكريم .
كيف يخون العبد ربه ؟
1- اذا عطّل العبدُ حكم من أحكام الله تعالى فقد خان الله .
2- إذا أمر الله العبدَ ولم يأتمر بأمره فقد خان الله .
3- إذا نهى الله العبدَ عن أمرٍ ولم ينتهِ فقد خان الله .
كيف يخون العبد رسوله ؟
إذا لم يقم العبدُ بسنةِ رسوله وقام بتعطيلها فقد خان الرسول عليه الصلاة والسلام .
[ وَتَخُوْنُوا أَمَانَاتِكُمْ ] – ما هي الأمانات ؟
1) الصدق أمانة فمن كذب فقد خان الله .
2) اللسان أمانة فمن تكلم فيما حرم الله فقد خان الله .
3) البصر أمانة فمن نظر إلى ما حرم الله فقد خان الله .
4) السمع أمانة فمن سمع إلى ما حرم الله فقد خان الله .
لذلك قال في ذلك جل جلاله : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) }الإسراء – 36{
فستُسألُ أمام الله تعالى عن كل شيء (فالأمانة أمانة والوفاء أمانة ، والدك أمانة وولدك أمانة ، قريبك أمانة وجارك أمانة ، مسجدك أمانة وبلدك أمانة ، والمسلمون عندك جميعهم أمانة) ، فلا تخونوا الأمانات ، فإن خنتم أماناتكم فقد خنتم الله ورسوله .
عليك أيها المسلم أن تتقي الله ، فإن الله تعالى يراك ومطلع عليك في أمورك كلها ولو كنت أنتَ لا تراه .
- الأمانة هي أساس كل شيء في دين الإسلام ، لذا واجب عليكَ المحافظة عليها .
سنتحدث عن قصة تبين لنا نتيجة الأمانة وكيف يكافئ الله عز وجل عبده اذا أدى الأمانة :
– في شارع من شوارع الكوفة في بلاد العراق رجل يسمى ثابت بن ابراهيم و بينما كان يمشي في شوارع الكوفة مر بجانب حديقة غنّاء فإذا بتفاحة سقطت من على شجرة من الأشجار ، سقطت خارج السور، وأخذ ثابت بالتفاحة يأكل نصفها فلما استقرت في معدته تذكر كيف له أن يأكل تفاحة لا يملكها ، أسرع ثابت إلى حارث الحديقة وقال له : يا عبد الله هل سامحتني فيما أكلت ؟
– قال حارس الحديقة : وكيف أسامح وأنا لا أملك السماح ، عليك بصاحب الحديقة
– قال : و أين هو ؟
– قال : بينك وبينه مسيرة خمسة أميال
قصد ثابت صاحب الحديقة و ذهب إليه وطرق عليه الباب فخرج صاحب الحديقة وألقى عليه السلام فرد عليه السلام ، بدأ ثابت يتكلم وهو قلق فزع ..
– قال: يا عبد الله أتدري فيما جئتك ؟
– قال صاحب الحديقة : لا
– قال : مررت بجانب حديقتك فرأيت تفاحة فأكلت نصفها ثم تذكرت أني آكل مالا أملك ، فجئت إليك لكي تسامحني فيما أكلت ، وهذا نصفها الآخر .
– قال صاحب الحديقة وهو عجب لما يسمع : والله لا أسامحك حتى تقبل شرطي .
– قال ثابت : وما هو شرطك ؟
– قال: أن تتزوج ابنتي .
– قال ثابت : وهل تعتبر هذا شرطا ؟!
إن هذا فضل عظيم ، هذا شرف لي أن أتزوج ابنتك .
فوافق ثابت على الزواج ..
- قال صاحب الحديقة : حتى لا أغشك فإن ابنتي صماء لا تسمع ، بكماء لا تتكلم ، عمياء لا ترى ، كسيحة لا تقوى على القيام .
- قال ثابت : وكيف لا أقبل ألا أتاجر فيها مع الله ؟!
قبلت الزواج منها ، أقوم على خدمتها تقرباً من الله .
- قال له صاحب الحديقة : إذاً فأتني بعد صلاة العشاء حتى أجهزها لك في حجرتي هذه .
وذهب ثابت وصلى العشاء في مسجد الكوفة ، ولما أنهى صلاته ذهب إلى صاحب الحديقة وطرق عليه الباب وأدخله على ابنته زوجاً لها .
فدخل ثابت وألقى عليها السلام ، وقال في نفسه : إن كانت لا تقوى على السلام إن الله سيرد عنها .
– فقالت له : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، وهمَّت إليه لكي تصافحه ، فوقف ثابت خائف مما يجري .
– قال : لماذا أخبرني والدك بما أخبر .
– قالت : وماذا اخبرك والدي؟
– قال : أخبرني أنك صماء لا تسمعين !
– قالت : واللهِ لقد صدق والدي فإنني لا اسمع إلا ما يرضي الله .
– قال : أخبرني بأنك بكماء لا تتكلمين !
-قالت : واللهِ صدق والدي فإنني لا أتكلم إلا فيما يرضي الله ولا أتكلم إلا في ذكر الله .
– قال : أخبرني بأنك عمياء لا ترين !
– قالت : واللهِ ما كذب أبي واللهِ إنني لا أنظر إلا فيما يرضي الله سبحانه وتعالى .
– قال : أخبرني والدك بأنك لا تقوين على القيام !
– قالت : واللهِ صدفك والدي فإنني لا أذهب إلا لبيوت الله ، و لا أذهب إلا فيما يرضي الله سبحانه وتعالى
– قال ثابت : فلما نظرت إليها فإذا هي قطعة من القمر .
فدخل عليها في ليلتها تلك ، وأنجب منها ولداً تقياً صالحاً خاشعاً يُذكر إلى يوم القيامة ، إنه الإمام الأعظم ” أبا حنيفة النعمان بن ثابت ” .
تلك هي الأمانة ..
حافظ ثابت على الأمانة ، فحافظَ الله عليهِ ، وحافظَ على نسلِهِ ..
“وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ” }الأعراف – 58{
اللهم نسألك أن تعلمنا الأمانة و قونا يا ربُ على حفظ الأمانة .
الشيخ عبد الرحمن قريطم
تفريغ وتجهيز : هبة سلورة
0 تعليق